دولة العادلة – رؤيا ومضمون –
الكاتب: احمد الشجيري
لم تكن في يوم من الايام كلمة العدالة لفظا غريبة، كما انها ليست بالحقيقة غربية ايضا. قرون عديدة و الانسان يعيش هذا الحلم ليل نهار، لكن لم يجن غير الظلم و الاجحاف و الجور و الاختناق. لقد أطلعنا وقرانا و سمعنا مرارا ان اناسا كثيرين، علي مدي التاريخ، جعلوا من هذه الحقيقة امرا حيا خالدا، من خلال محاولاتهم في الكشف عن ابعاد هذا المفهوم و دعوة الناس لت
الكاتب: احمد الشجيري
لم تكن في يوم من الايام كلمة العدالة لفظا غريبة، كما انها ليست بالحقيقة غربية ايضا. قرون عديدة و الانسان يعيش هذا الحلم ليل نهار، لكن لم يجن غير الظلم و الاجحاف و الجور و الاختناق. لقد أطلعنا وقرانا و سمعنا مرارا ان اناسا كثيرين، علي مدي التاريخ، جعلوا من هذه الحقيقة امرا حيا خالدا، من خلال محاولاتهم في الكشف عن ابعاد هذا المفهوم و دعوة الناس لت
جسيده.
بيد ان المساعي العلمية لهؤلاء الخيرين علي طريق تحكيم العدالة باءت
بالفشل غالبا او كانت عديمة الجدوي، و بقيت العدالة في مفهومها الحقيقي
خيالا و حلما. كم هو صعب تجسيد هذه الرؤيا الجميله، الرؤيا التي امتزجت
بكيان الانسان علي مر التاريخ ... و لكننا نعلم ان هذا الحلم سيتحقق يوما
مهما طال الانتظار. و تبقي اشراقة الامل هذه هاجس القلوب المتعطشة لاطلالة
المنجي، مهما تعاقبت السنين و الاعوام. تبقي القلوب تنتظر بشوق من اسمه
«العدل»: «السلام علي ... العدل المشتهر» .. كلامه عدل، و سبيله عدل، و
حكومته حكومة العدل .. ليست في معالم حكومة الامام المهدي و نهضته، سمة و
خصوصية اوضح و اظهر من «القسط و العدل». فالتاكيد الذي ورد في المرويات علي
خصوصية انتشار عدالة الامام الحجة (عج)، لم يرد في أي خصوصية اخرى. و ان
هذا بحد ذاته يشير الي عظمة العدالة و اهميتها في اجهزة المدينة الاسلامية
الفاضلة في عصر الظهور. هناك عشرات بل مئات المرويات في كتب الحديث
المختلفه، خاصة كتاب «منتخب الاثر» و «كمال الدين» للشيخ الصدوق، تحدثت عن
عمل الامام علي اشاعة العداله. و قد وصف هذا الامام الهمام في الكثير من
هذه الروايات بانه مظهر العدل و تجلي العداله. و ان اطلاق اسم «العدل» علي
الامام هو في الحقيقة ترجمة دقيقة لرسالته. يكتب صاحب «مكيال المكارم» بهذا
الشان فيقول: «العدل، هو من اوضح الصفات الطيبة لهذا الامام، و لذلك سمي
ب«العدل» كما ورد في دعاء ليالي رمضان: «اللهم و صل علي ولي امرك القائم
المؤمل و العدل المنتظر» .. و في موضع آخر نجد هذا العنوان بنحو آخر: «اول
العدل و آخره»، و «السلام علي القائم المنتظر و العدل المشتهر ...». و في
ظل هذه العدالة تزول القيود من الانسان، و يعود الي الناس حقهم المسلوب ..
تزول قيود العبودية الظاهرة و الباطنة، و تتحرر رقاب الناس، و تزول ارضية
استغلال الانسان لاخيه الانسان تماما. يقاد عمال الظلم و الجور الي
التحقيق، و يعزل القضاة و الحكام الظلمة عن مناصبهم، و تطهر الارض من اي
نوع من انواع الخيانة .. يسحق المستكبرون، و ينجح المحرومون و المستضعفون
في استرجاع حقوقهم، و عندها لن تذرف دمعه و لا تتعالي آهه، و لن يبيت انسان
جائعا، و لن يمضي اي محروم يومه مضطربا خائفا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق