السبت، 4 أغسطس 2012

جذور الحركات السلفية – رؤيا وتحليل –

جذور الحركات السلفية – رؤيا وتحليل –

الباحث احمد الشجيري

عرف الإسلام عبر تاريخه الطويل تفسيرات وتأويلات متعددة، نشأت عنها المدارس الفقهية والأصولية المختلفة. وكان لكل مدرسة جذورها الفكرية والواقعية التي تغديها وتصبغها بلون خاص، يؤكد خصوصيتها وتميزها.
بيد أن المدرسة السلفية كاجتهاد ووجهة - تجاوزا- مدرسة تتسم بادعاء أصحابها لملكية الحقائق المطلقة، وأهم ما لا حظه الباحثون لمنظري هذه المدرسة أنها ذا
ت جذور بدوية، فإذا كانت " حران " مسقط رأس ابن تيمية الأب الشرعي للحركة السلفية، فإنه " نجد " هي منبت المنظر الثاني للسلفية والقائم بأمر دعوتها.
أما أهم ما يجمع بين "حران" و"نجد" فإنها الطبيعة الصحراوية؛ حيث الجفاف والبعد عن المدنية، لذلك اتسم سكانها بالجفاء والغلظة، ولم تعرف المنطقتان على طول التاريخ الإسلامي أية حركة مدنية واسعة أو تمركز عمراني حضاري، خصوصا بلاد نجد التي كانت وما زالت موطنا لقبائل البدو الرحل الذين يتنقلون بحثا عن الكلأ والخضرة طوال السنة.
ونحن عندما نسلط الضوء على الخلفيات الجغرافية والبشرية للحركة السلفية، نفعل ذلك للكشف عن جذور بعض الظواهر الفكرية والسلوكية التي تتسم بها هذه الحركة، والتي لا يمكن معرفتها وتحليلها، إلا بإرجاعها إلى منطلقاتها الأصلية؛ والبداوة الصحراوية بالخصوص لها سمات خاصة يعرفها كل من درس حياة البدو الصحراويين أو عايشهم، فقساوة الطبيعة وشظف العيش، والبحث الدائم والمستمر على المرعى والماء، وما بتبع ذلك من حياة عدم الاستقرار والمخاطر الدائمة، كل ذلك ينطبع على سلوكيات الأفراد - البدوى - ويظهر جليا في معاملاتهم وتفكيرهم، فالجفاء والغلظة والقسوة وبساطة المعرفة والحرمان من إيجابيات المدنية والحضارة، كلها صفات وأوضاع يعرفها هؤلاء البدو، ويتمثلها صغيرهم بعد كبيرهم.
لذلك لما كانت نجد منطلق الدعوة السلفية الوهابية وكان أبناؤها هم جند هذه الحركة وأتباعها ودعاتها. كان لزاما أن تصطبغ هذه الحركة بكل صفات البداوة وعلى رأسها الغلظة والخشونة، بالإضافة إلى ضعف المستوى العلمي والفكري والذي يكون عادة بسيطا بل ساذجا وبدائيا، يقول محمد أسد في كتابه (الطريق إلى مكة): ".. إن كثيرا من مفاهيمهم - أي الوهابية - كانت بدائية، وأن حماستهم الدينية كثيرا ما قاربت الغلو ".
ولا شك أن الغلو الذي عرفوا به وواكب حركتهم سببه القصور المعرفي الواضح. فلم تكن نجد قديما ولا حديثا حاضرة علمية، ومن أراد من أهلها أن يكسب حظا من العلم والمعرفة كان يهاجر إلى العراق أو الشام ومصر وكذا المدينة المنورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق