الأحد، 5 أغسطس 2012

بلاد الشام في الامس القريب ..




بقلم الباحث احمد الشجيري

لم يُعرف عن الاستعمارِ، في تاريخهِ أنه يسعى، إِلى تحقيقِ نوعاً مِنْ "الحضارةِ" في الدولِ التي يستعمِرُها.؟ ومثل هذا الأمر يُعدُّ بمثابة "حلمٌ مِنْ أحلامِ اليقظة" ليس إِلا.؟!
الاستعمار خلال بدايات القرن التاسع عشر على الأعمِ، أتخذ شكل "الموضة" بين الدول الكبرى، التي كانت تتنافس على استعمارِ أجزاء مِنْ العالمِ وقتذاك، فكلاً منها يسارع إلى السيطرةِ على جزءٍ منهُ، سيما الذي يجد فيه ما يُحقق مصالحه الاقتصادية أولاً، وهو الأهمُ لكُلِ أشكال الاستعمار.!
أما مصالح الاستعمار السياسية، فتظهر قوتها، وتأثيرها، في قُدرةِ مناوراتها السياسية، بين الدول المُستعمِرة نفسها، مِنْ حيث قُدرة أياً منهم في الحصولِ على أكبرِ ما يُمكن مِنْ تلك "الإِقطاعيات الواسعة".؟! سيما في ظل غياب كامل لأي "نفوذ سياسي" لتلك الإِقطاعيات" التي تصبح في المُحصلةِ النهائية، تحت هيمنة ذلك الاستعمار.؟ وتبدأ مرحلة "رفض قبولهِ"، والعمل على "مقاومتهِ" بكُلِّ الطرق التي تتأرجح صعوداً، وهبوطاً.؟
وأصبحت "الدول المُستعمَرة" وفق مفهوم "الدول المُستعمِرة"، مُجرد "إِقطاعيات"، على أرضِها يعيش "رقيقٌ"، لا حضارة، ولا عقيدة، ولا تاريخ، ولا...إلخ لهُمْ.؟ وعلى الضد مِنْ ذلك، يتوفر فقط في تلك الدولة المُستعمِرة، التي تعدُ نفسها ولا زالت بأنها الأحق بتلك "الاقطاعيات/الدول"، مِنْ شعوبِها "الهمج".؟
هكذا هي كانت النظرة الاستعمارية بالذاتِ لبريطانيا، ثم تليها فرنسا، سيدتا الاستعمار في العالمِ سيما في وطننا العربي.؟ وربما لا زالتا.؟!
تاريخياً: لم يطب لفرنسا أنْ ترى منافستها الكبرى، وجارتها عبر القنال "بريطانيا"، تُسيطر على الجانبِ الآسيوي مِنْ الوطنِ العربي.. فأخذت تحيي منذ 1912 فكرة استعادة الأمجاد الفرنسوية في سورية، مقابل تنازلها عن مصر لبريطانية، وكان البلدان قد وصلا إلى تفاهما المشهور حول شمال أفريقية في العام 1904. خطب "ريمون بوانكاريه"، في مجلس النواب قبيل عيد الميلاد، قائلاً: "نحنُ مصممون على الدفاع عن حقوقنا ومصالحنا (في سورية)، ونحنُ عازمون على المُحافظةِ على تقاليدِ فرنسة الوحيدة في الشرق"..
كانت بريطانية مُتفاهمة مع فرنسة، عند أشتعال نيران الحرب 1914 على تقسيم البلاد العربية في آسية بينهما، وعلى تحقيق ما أعلنه السياسي الفرنسي ليجو في البرلمان عند إعلان الحرب: "مِنْ الضروري أن تحصل فرنسة على ثاني قطبي محورها في المتوسط، قطب سورية - لبنان - فلسطين، بعد أن وقع القطب الأول، قطب تونس - الجزائر - مراكش في يدها.". وكان في البرلمان الفرنسي يومذاك، حزب قومي يُعلن عن مطامعهِ بالشرق بجُرأةٍ، ويُعادي بريطانية إلى أقصى حد. ومع هذا حصل التفاهم بين البلدين، على حساب استقلال الشعب العربي، سيما اتفاقية سايكس - بيكو..
فصلاً مِنْ فصولِ الرؤية الاستعمارية الرسمية الفرنسية المُبكرة جداً، نجدها في "برقياتِ التخاطب" عام 1920 بين رئيس الوزراء الفرنسي "ميلران"، والقائد العام لجيش الشرق الفرنسي "الجنرال غورو".؟ ولا أدخل في تفاصيلِ كيف زحف فيلق الثورة العربية الكبرى، بقيادة "الملك فيصل بن الشريف حسين"، الذي كان بمثابةِ "رأس الحربة" في طردِ العثمانيين مِنْ بلادِ الشام، مع القوات البريطانية والفرنسية، واحتلت كامل بلاد الشام، ثم "طُرد الملك فيصل" شرَّ طردة مِنْ قبلِ الاستعمار الفرنسي، وبموافقةِ الاستعمار البريطاني.؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق